قــــــورتــــة دووول

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قــــــورتــــة دووول لكل نوبي


    المقوم الثانى :الجراة مع الحكمة

    avatar
    مصطفى خالد
    عـــضـــو جــديــد
    عـــضـــو جــديــد


    عدد الرسائل : 8
    العمر : 33
    الجنس : المقوم الثانى :الجراة مع الحكمة Male
    تاريخ التسجيل : 23/09/2008

    جديد المقوم الثانى :الجراة مع الحكمة

    مُساهمة من طرف مصطفى خالد الأربعاء سبتمبر 24, 2008 6:04 pm


    المقوم الثاني : الجرأة مع الحكمة

    الجرأة مهمة - أيها الأخوة - لأن الخوف والجبن سمة لا تليق بمن يريد أن يكون مقدماً بين الناس ، الداعية والعالم متصدر في الناس ومتقدم ، لا بد من الجرأة والشجاعة والحمية لدين الله -جل وعلا -والغيرة على حرمات الله ، لكن هذه الشجاعة ليست طيشاً ، وليست تهوراً ، بل هي مضبوطة بالحكمة ، فهي جرأة محمودة ، وهي جرأة مربوطة ، والحكمة في اللغة : مشتقة من الحَكَمة بفتح الحاء والكاف ، وهي الحديدة التي توضع في لجام الفرس ، ما هي فائدة هذه الحديدة ؟ هذه هي التي تضبطه ، إذ أرخي المقود عرف الخيل أنه مطلوب منه أن يسرع فيسرع .. إذا شد عرف المطلوب البطء وعدم السرعة ، ولذلك السرعة في موضعها محمودة ، ولو أنه كانت هناك فسحة ولم يسرع ، وكان محتاجاًََ إلى الوصول ألا يكون ذلك مقصراً ومفرطاً ؟ ولكن إذا جاء في وقت الزحام يسرع ويزاحم الناس ، ويحصل بذلك فتن أو مشكلات ، هذا ليس من الحكمة ، فليست الجرأة في كل وقت محمودة ، وتقدير الظروف والأمور أمر مهم .
    والجرأة فيها شجاعة نادرة نضرب أمثلة سريعة ؛ لأن الوقت يضيق بنا .
    جاء في صحيح البخاري من رواية أنس بن مالك أنه قال : ( كان النبي – صلى الله عليه وسلم – أحسن الناس وأشجع الناس ، ولقد فزع أهل المدينة ليلة فخرجوا نحو الصوت ، فاستقبلهم النبي – صلى الله عليه وسلم – وقد استبرأ الخبر ، وهو على فرس لأبي طلحة عُري وفي عنقه السيف ، وهو يقول : لم تراعوا لم تراعوا . ثم قال : وجدناه بحراً ) ما معنى ذلك ؟ الناس خرجوا ومازالوا في أول المدينة ، أما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فكان من شجاعته وجرأته قد ركب فرساً من غير سرج ، وقد ذهب إلى الموقع وعرف الخبر ورجع ، وهو يقول : ( لن تراعوا .. لن تراعوا )هذا هو الذي ينبغي أن يكون عليه العالم والداعية ، فيكون هو المتقدم ،كان علي - رضي الله عنه - يقول : " كنا إذا حمي الوطيس واحمرت الحدق نتقي برسول الله -صلى الله عليه وسلم - في المعارك " .
    والحكمة مهمة ، وأبوابها واسعة ؛ منها كثير مما ذكرناه من المراعاة والتدرج والأناة والبصيرة .

    المقوم الثالث : الاستغناء مع العطاء
    كل الرسل والأنبياء ذكر في قصصهم : { قل ما أسألكم عليه أجراً إن أجري إلا على الله } أما الذي يكون عليه بعض الدعاة اليوم !كل كلمة بمبلغ ، وكل خطبة بمبلغ ، وكل شريط بمال ، وكل كتاب بأجرة .. هذا تاجر وليس عالم أو داعية
    ما الذي يؤثر في الناس ؟ يؤثر في الناس أن يجدوا من يبذل ويعطي من وقته أو من جهده أو من ماله ولا يرون له مصلحة .. يعطي من وقته وجهده فينظر إليه بعض الناس فيتعجبون ، وينظرون إلى بعض العلماء أو الدعاة يتعبون أنفسهم ، ويسافر هنا وهناك ، وعنده درس بعد الفجر و... دون أن يأخذ شيئاً، هذا هو الذي يعظم قدره عند الناس ، ويجعل أثره فيهم حميداً ، ويوم تصبح الدعوة تجارة يفقد الناس حماسهم لها ، وتعظيمهم لحملتها ، ويرون أن هؤلاء قد يتشبهون باليهود - عليهم لعائن الله - وأهل الكتاب الذين قال الله فيهم : { يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً } فكلما استغنى الداعية ، وأكثر عطاءه للناس كلما كان ذلك أعظم تأثيراً في نفوسهم ، وأيسر في قبولهم وتأثرهم بإذن الله سبحانه وتعالى .
    وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، ما سُئل - عليه الصلاة والسلام - شيئاً إلا أعطاه ، ومن حكمته - صلى الله عليه وسلم - في العطاء أنه يعطي حتى لا يظن أن المنع لشيء أو لخلة غير حميدة .
    في الحديث الصحيح في قصة حكيم بن حزام قال : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعطاني ، ثم سألته فأعطاني ، ثم سألته فأعطاني ، وقال : ( يا حكيم إن هذا المال خضرة حلو فمن أعطيه بعزة نفس بورك له فيه ، ومن أعطيه باستشراف نفس لم يبارك له فيه ) أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - ، قال أهل العلم : لما أعطاه في المرة الأولى والثانية بدون أن يكلمه حتى لا يقول : إن الرسول -صلى الله عليه وسلم -لم يعطيني لأنني لا أستحق ، أو لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - والعياذ بالله - لا يعطي من ليس بكريم ، أعطاه ثم أعطاه ، ثم أراد أن يبين له أن السؤال غير مناسب ، وأن سؤال الناس لا ينبغي أن يكون من صفة المسلم .
    والرسول - صلى الله عليه وسلم - أثّر في كثير من الناس بهذا العطاء ، كان صفوان بن أمية يقول : " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أبغض الناس إليّ ، فما زال يعطيني ويعطيني حتى ما أحد أحب إلي منه " . وأيضاً العطاء كان له أثر على أحد الأعراب ، جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال : يا محمد أعطني من مال الذي أعطاك ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم – للأعرابي : أترى هذا الغنم التي في الوادي بين جبلين ! قال : نعم ، قال : خذها فإنها لك ، فقال الأعرابي أتهزأ بي وأنت رسول الله ! فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا ، فذهب الأعرابي فرحاً يقول يا قوم أسلموا ؛ فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر .
    وكان النبي -صلى الله عليه وسلم - يقول لبلال : ( أنفق بلال ولا تخشى من ذي العرش إقلال ) .

    هذا العطاء ليس مجرد المال فقط ، ولكن العطاء من سماحة النفس ، عندما كانت العجوز تستوقف النبي - صلى الله عليه وسلم - في الطريق فيقف لها ويسمع لها .. من هو ؟ سيد الخلق وخاتم الرسل والأنبياء .
    وأما حال داعية اليوم فيقول : مشغول وكذا ، وإذا أردت لا بد أن تأتي ، هذه ليست من صفات الداعية لماذا ؟ لأنك عندما تعطي الناس من وقتك يحبك الناس ،ويتأثرون بك ، ويجدون فيك قدوة ، ويتأسون بك .

    المقوم الرابع : الاستمرار والابتكار
    من أراد أن يدعو الناس فلا يدعوهم يوماً ثم ينام دهراً .. إنما تؤتى الأمور ثمارها بمواصلتها واستمرارها ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - من قوله تعالى : { قم فأنذر } إلى قوله : { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } كان يدعو ، والله صور لنا نماذج لهذه الدعوة في قصة نوح .. دعوة بالليل والنهار .. بالسر والجهر .. في الملأ وفي الأفراد .. في كل الأحوال . وقصة يوسف - عليه السلام - في السجن ، وهو سُجِنَ مظلوماً ، ومع ذلك ماذا قال في السجن لما جاءه الرجل يسأله عن الرؤية ؟ مباشرة حوّل المسار إلى الدعوة وذكّر بالله – عز وجل - وكأن شيئاً لم يكن ؛ لأن الدعوة هي أمر يحمله الداعي إلى الله - عز وجل - معه في كل مكان ، وفي كل ظرف ، وفي كل زمان ، وفي كل حال ، لا يفتر عنها بقوله ، وبفعله ، وبحاله ، وبمقاله ، كل شيء يستطيع أن يدعو به .
    ولذلك الاستمرار على المدى الطويل يحصل به ثمرة . إذ الإنسان لا بد له أن يسمع الموعظة مرة فلا يلين له قلبه ، فيسمعها ثانية .. ثالثة فيزداد تأثره .
    والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن - جل وعلا - يقلبها كيف يشاء ، لا تدري ! استمر قد يقول : يا أخي تكلمنا في مسألة كذا من الأمور التي يفعلها الناس ، أو في مخالفات الصلاة أو كذا ليس هناك فائدة .. استمر ، ولو كان هذا الدين ليس فيه هذا الاستمرار ما وصل ، وما اقتضت حكمة الله أن يبقى إلى قيام الساعة .
    والابتكار أيضاً مطلوب ؛ لأنه كلما استمر الإنسان يصبح هناك نوع من التكرار ، والتكرار أحياناً يصبح سبيل إلى الملل ، لكن عندما يتنوع عبر وسائل كثيرة ومختلفة ومتنوعة ، ومسابقات ، وبحوث ومحاضرات أو دروس أو رحلات أو ألوان مختلفة، كما كان ابن عباس - رضي الله عنه - يجلس إلى الناس فيعلمهم التفسير ، فإذا رأى أنهم قد طال بهم المقام يقول : أحمضوا بالشعر – أي ائتوا بكتب الشعر .. نقف قليلاً .. نغيّر نجدد ببعض الأشعار والقصص - حتى ينشط الناس مرة أخرى ؛فإن التجديد والتنويع له أثره .
    المقومات في مفاهيم الداعية
    وهذه أكثر أهمية فيما مضى ، فالفهم مهم جداً ، قال ابن القيم : " صحة الفهم وحسن القصد هما ساقا الإسلام يمشي بهما " ، إذا كان عنده فهم سقيم يكون المشي أعرج ، أو إذا كان فهمه صحيح لكن مقصده غير حسن أيضا لا يمشي مشياً سلمياً ، لذلك الفهم مهم جداً ما دام يريد أن يفهم الإسلام فهماً صحيحاً .

    أولاً : ربانية هذا الدين
    هذا الدين ليس من عند أحد ، ليس هو دين محمد لم يأتي به - النبي صلى الله عليه وسلم - من عند نفسه كما ادعى كفار قريش والمشركون ، كل شيء فيه رباني من الله - سبحانه وتعالى - ، فهو لذلك كامل ، وهو لذلك نافع صالح ، وهو لذلك مستمر ؛ لأنه من الله سبحانه وتعالى : { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } وشمولية الإسلام هذا الدين يشمل كل شيء في الحياة الله { ما فرطنا في الكتاب من شيء } ، وفي سنن أبي داود ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة ) يعني حتى كيفية قضاء الحاجة ، كل شيء في هذا الدين .. تستيقظ هناك دعاء .. تلبس ثوبك هناك ذكر .. تخرج من بيتك هناك أثر ..كل حياتنا مرتبطة بهذا الدين ، فالاقتصاد هناك أحكام وتشريعات ونظام في السياسة ..هناك مبادئ وأسس وقواعد في كل جانب من جوانب الحياة الإنسانية .. هناك آيات تتلى ، وأحاديث تروى ، وشرائع تُعلّم وتدرس تنتظم بها أمور الناس كلهم ، لماذا ؟ نقول : لأنه إذا جاء أحد يتكلم عن الاقتصاد أو عن الربا ، يقول : دعونا نتكلم في الدين ، نقول له : هذا ما هو ؟ أليس هذا من الدين ! أليس قد تنزلت آيات في ذلك وهكذا يقع أحيانا خلل بسبب هذا .

    ثانياً : وسطية الإسلام
    وهذه مهمة ؛ لأن هذا الدين وهذه الأمة وسط : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } ، الوسطية وسط بين الإفراط والتفريط .. بين التعسير والتيسير ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً .
    فإذا كان التيسير هو إثم ، فهذا ليس تيسيراً ، هذا حرام ؛ لأن بعض الناس بحجة التوسط ، وبحجة المرونة ، يريد أن ينسلخوا من الشرائع والأحكام يقول لك يا أخي الدين يسر يقول صلي في بيتك من قال ـ أن هذا من يسر الدين، الدين يسر ليس علينا كذا وكذا أمور كثيرة يغيرون فيها وسطية الإسلام وسطية أهل السنة، بين الفرق التي إنحرفت وابتدعت أيضا أمرها واضح بين الإرجاء الذي كان عند المرجئة وبين التكفير الذي عند الخوارج وبين المعطلة الذين أنكروا الصفات وبين المشبهة الذين شبهوا صفات المخلوق بالخالق دين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه وخير الأمور أوسطها، وصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان أمره أمر واضح من أثر كل ما ذكرنا .
    مفاهيم الدعوة
    1 ـ أن الدعوة إلى الله واجب شرعي كفائي ، والواجب الكفائي هو الذي إذا قام به البعض قياماً يكفي سقط عن الباقين ، فهل قام أمر الدعوة وانتظم بحيث ليست هناك حاجة ، بل قال ابن تيمية ما معنى كلامه : إن الفرض الكفائي يتوزع على الناس حتى يكون على كل واحد منهم قدرٌ هو في حقه فرض عين ، فالعالم : التعليم والدعوة في حقه فرض عين أكثر من غيره ، لكن الآخرون إعانتهم لهذا العالم وإقامتهم هو واجب عليهم ؛ حتى يؤدي دوره ، وكل يكون عليه واجب بقدر هذا ، والحاجة ماسة جداً ؛ لأن الجهل في المسلمين عظيم ، ولأن غير المسلمين الذين لم يعرفوا الإسلام كثر ، ولأن الشبهات حول هذا الدين عظيمة ، فالدعوة الحاجة إليها ماسة ، ومن لوازم هذه الدعوة أن نفهم حقيقة هذا الواقع المعاصر ، وأن نتفاعل مع الدعوة بحماسة وقوة وتصدي ومواجهة .
    ليست الدعوة كلام ولا ميكروفونات وإنما هي جهاد حقيقي في إحقاق الحق ، وإبطال الباطل ، واستنقاذ الناس من الضلال ، وإشاعة نور العلم في قلوبهم ونفوسهم ، وهي نوع من مغالبة الباطل ومحاربته في كل موقع وميدان ، ومن المهم أن نعرف ضرورة التعاون على الدعوة .
    و المشكلة الكبيرة عندما لا يفقه الدعاة بعض المفاهيم يختصمون ، فهذا يعلّم العلم وذلك يريد من الناس أن ينفقوا المال ، ماذا يصنعون ؟ أليس هذا فيه تكامل ! العلم خير والإنفاق خير ، لكن الذي يعلم العلم يقول : هذا خاطئ ومخطئ في طريقته ، لماذا يدعو الناس إلى الإنفاق ولا يهتم بالعلم والمنفق ، كمن يعمل في اللجان الخيرية يقول : هؤلاء يضيعون وقتهم في طلب العلم ، وكل يرد على الآخر وهو مخطئ ينبغي أن نثني على هذا العمل ، وأن نتعاون فيه ، ونحرص عليه ؛ لأن المجالات متعددة ، والإمكانيات محدودة ، والأعداء متربصون بنا في كل حين ، هذا وينبغي أن نفهم أن الابتلاء على طريق الدعوة حاصل ، وأن الصبر لازم ، وأن الطريق طويل ، وأن الذي يريد استعجال الثمرة لن ينالها ، وأن الله قد ابتلى الرسل والأنبياء وصفوة الخلق - عليهم الصلاة والسلام - وحصل لهم ما حصل من الملأ من أقوامهم ، وما نحن بأحسن من الرسل والأنبياء ، وإنما يصيبنا شيء قليل من هؤلاء العظام من خلق الله الذين شرفهم بالنبوة والرسالة ، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 16, 2024 10:06 am